جيف ستريتر - رئيس المجلس الثقافي البريطاني بمصر (2015 - 2018) ©

المجلس الثقافي البريطاني بمصر

أعزائي

إنه لمن دواعي سروري أن أدعوكم للاحتفال معنا بمرور 80 عامًا على بدء عمل المجلس الثقافي البريطاني في مصر.

في عام 1938 فتح المجلس الثقافي البريطاني أبوابه لأول مرة خارج المملكة المتحدة - في بوخارست وهنا في القاهرة. ويسعدنا ويشرفنا أن نكون جزءًا من أقدم شبكة تضم الآن نحو 200 فرع في أكثر من 100 بلد في جميع أنحاء العالم.

الدور الذي نقوم به - رسالتنا

 

أنشئ المجلس الثقافي البريطاني في عام 1934 في المملكة المتحدة، وذلك بهدف "خلق قاعدة من المعرفة والتفاهم على أساس من الصداقة والمودة في بلد أجنبي " وفي عام 1940 حددنا هدفنا بأنه "تعزيز التعريف بـ[المملكة المتحدة] واللغة الإنجليزية على نطاق أوسع في الخارج، وتطوير علاقات ثقافية أوثق بين [المملكة المتحدة] ودول أخرى ". ولم يتغير هذا الهدف على مر السنين، وهو أساس عملنا في مصر كما هو الحال في أماكن أخرى.

تغييرأماكن تواجدنا

 

منذ نشأة المجلس الثقافي البريطاني في مصر وهو يتخذ من القاهرة مقرًا له، ولكن منذ أوائل الأربعينيات أنشأنا عددًا من المراكز في جميع أنحاء البلاد حيث تم تنفيذ الكثير من أنشطتنا بها. وقد إتخذت هذه المراكز من عدة محافظات مقرًا لها في أوقات مختلفة، ومن بين تلك المحافظات الإسكندرية وبورسعيد والزقازيق وطنطا وأسيوط والمنيا والمحلة الكبرى والمنصورة.

غير أنه خلال الخمسينات من القرن الماضي، اضطررنا إلى إغلاق تلك المراكز في مصر تدريجيًا، وكان تغيير أنماط العمل أحد الأسباب لذلك الغلق إلى جانب التقلبات التي شهدتها العلاقات الثنائية بين البلدين. واستمر العمل في مكاتبنا في الإسكندرية والقاهرة منذ السبعينات. ومنذ ذلك الحين، سمح لنا تحسن نظم النقل والمواصلات وتطور تكنولوجيا الاتصالات بتوسيع نطاق عملنا في جميع أنحاء مصر.

الاستمرارية في أنشطتنا ومجالات الإهتمام

 

ومن أبرز الأمور التي لاحظتها في تقاريرنا السنوية التي تعود إلى الأربعينيات، الاستمرارية في مجالات العمل التي كنا ننفذها على مر العقود. وتشمل هذه الأنشطة: تعليم اللغة الإنجليزية وتعلمها؛ وتدريب المعلمين وتطويرمهاراتهم؛ وتقديم الاختبارات؛ وعدة مجالات أخرى مثل التبادل الأكاديمي / الجامعي؛ والعلوم؛ والفنون وصناعة الأفلام والمعارض والدراما والموسيقى والفنون الاستعراضية.

ويعد التركيز على الاتصال بين الناس وتبادل المعرفة والخبرات من العناصر الهامة التي تربط كل هذا. وليس من قبيل المصادفة أن نطلق على عملنا مسمى "العلاقات الثقافية"؛ فإن بناء العلاقات الفردية والمؤسسية من أجل تحقيق الفائدة لجميع الأطراف على المدى الطويل كان دائمًا، ولا يزال، محور إهتمام رئيسي بالنسبة لنا.

بعض أهم اللحظات (واللحظات العصيبة)

 

بعض أهم اللحظات (واللحظات العصيبة)

كان هناك العديد من اللحظات المضيئة التي مرت علينا خلال 80 عامًا من العمل في مصر وكذلك بعض اللحظات الصعبة. بعد افتتاح المجلس الثقافي البريطاني بفترة قصيرة في مصر، قمنا بدعم إعادة إفتتاح مدرسة كلية فيكتوريا في عام 1941 بعد أن تضررت من جراء القصف خلال فترة الحرب. ويعرف الكثيرون أن هذه المدرسة لديها تاريخ حافل من العمل على تخريج طلاب متميزين ومنذ عام 1956 والمدرسة تعمل ضمن منظومة التعليم المصري، وتعرف الآن باسم كلية النصر.

وبعد بضع سنوات من انتهاء الحرب، في عام 1950، زار الكاتب الكبير الدكتور طه حسين - "عميد الأدب العربي" - المملكة المتحدة بصفته وزيرًا للتعليم بناءً على دعوتنا. وقد دُعي إلى العديد من مأدب الغداء والعشاء التي أقيمت تكريمًا له (والتي سُجلت جميعها تفصيلًا في صحيفة التايمز) كما حصل على درجة الدكتوراة الفخرية من جامعة أكسفورد خلال زيارته التي كانت في شهر نوفمبر.

ويعد العمل المسرحي واحدًا من أكبر مجالات التعاون مع مصر في مجال الفنون على مدى كل الأعوام السابقة وحتى اليوم. لم تكن العروض المسرحية التي قدمتها فرقة مسرح "أولد فيك" عند أهرامات الجيزة في عام 1962 بأي حال من الأحوال أول أعمال ندعمها في هذا المجال - وقد شملت تلك العروض تقديم مسرحيات هاملت وهنري الخامس هنا في عام 1939 بطولة "أليك غينيس" العظيم. واستمرتقديم أعمال شيكسبير الأخرى على مدى العقود التي تلت ذلك في الأعوام 1973 و 1985 و 1990. وكان المسرح الوطني في المملكة المتحدة، هو من قدم ذلك العرض الأخير عام 1990 بدعم من الشاب أحمد العطار في ذلك الحين – وهو الآن، بطبيعة الحال، شريك رئيسي لنا من خلال مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة وملتقى الفنون العربية.

في عام 1969، قامت فرقة الباليه الملكية بأداء عرض بحيرة البجع على مسرح شيد خصيصًا من أجل هذا العرض في معبد خفرع (عام 1969) (يمكن مشاهدة لقطات فيديو من العرض هنا) وكان هذا جزءًا من احتفالات الألفية في القاهرة، واستقبل الجمهور العرض بإعجاب شديد. وكان من الواضح أن تقديم عرض بحيرة البجع أمام تمثال أبو الهول فكرة مبهرة وناجحة.

ومن الجدير بالذكر، أن الأسس التي يتبناها المجلس الثقافي البريطاني في عمله حاليًا، قد جاءت في إطار اتفاقية جديدة للتبادل الثقافي بين مصر والمملكة المتحدة وقعت في عام 1972. وبعد ذلك بفترة وجيزة، في عام 1974، انتقلنا إلى الموقع الحالي لمقرنا الرئيسي في 192 شارع النيل في العجوزة . 

وقد أبرز توقيع اتفاقية التبادل الثقافي بين الدولتين أهمية بناء العلاقات الثقافية بين مصر وبريطانيا على أساس متين. وكانت هذه علامة على نضج العلاقات بين الدولتين بعد أن مررنا بعدة صعوبات في بعض الفترات في العقود السابقة. وأدى التوتر بين البلدين إلى إلحاق أضرار مادية بمباني المجلس الثقافي البريطاني في أوائل الخمسينات، وبطبيعة الحال كانت أزمة قناة السويس - أو "العدوان الثلاثي" - فترة شهدت توتر كبير بين البلدين، مما أدى إلى تعليق العمل لبعض الوقت. ومع ذلك، فإن الأمر الثابت على مدى الثمانين عامًا الماضية هو الاعتراف بأهمية العلاقات الثقافية بين البلدين واستئناف عملنا بسرعة بعد أي فترة من الاضطرابات.

حجم الشراكة وحجم عملنا اليوم

 

كان من أهم التغيرات في عملنا على مر السنين هو نمو حجم أعمالنا وإتساع نطاقها. في الأربعينيات والخمسينات، كان يدرس في معاهدنا مئات الأشخاص سنويًا. أما الآن فيقدر عدد طلاب اللغة الإنجليزية بعشرات الآلاف في فروعنا الستة. وبينما كنا نعمل فقط مع البالغين، فقد أصبح الآن نصف عدد طلابنا من بين من هم دون سن الـ 18 عامًا.

وينطبق نفس الاتجاه على عملنا في مجال تقديم الامتحانات. فقبل 50 عامًا كنا نمتحن مئات من المتقدمين للامتحان في السنة. أما  الآن  فنحن نقدم الامتحانات لأكثر من 100 ألف  طالب في السنة، وكثير منهم من طلاب شبكة المدارس الشريكة لامتحانات شهادة الثانوية البريطانية الدولية ((IGCSE، والتي تضم أكثر من 120 مدرسة.

وفي مجال عمل أساسي آخر هو تدريب المعلمين، انتقلنا من عدد من البرامج الفردية مع المؤسسات الشريكة في جميع أنحاء مصر إلى مشروع قومي واسع النطاق مع وزارة التربية والتعليم.

بالإضافة إلى هذه المجالات، فنحن حاليًا نتولى إدارة جزء كبير من صندوق نيوتن - مشرفة، وهو صندوق مشترك لدعم البحث العلمي وتنمية قدرات الباحثين. وبلغت القيمة الإجمالية لهذ الصندوق 50 مليون جنيه استرليني على مدى أكثر من 7 سنوات. وبالمثل، فإن برنامج تنمية المهارات الأساسية  (Premier Skills ) الخاص بنا، والذي يستخدم الرياضة لتطوير المهارات الحياتية في جميع أنحاء مصر وخاصة بين النساء والفتيات، قد شمل حوالي 65 ألف متدرب على مدى عشر سنوات، في 27 محافظة وساعد على تقديم الدعم لـ 50 مشروعًا مجتمعيًا منفصلًا. وقد تمكنا من تحقيق ذلك من خلال شراكتنا مع الدوري الإنجليزي الممتاز ووزارة الشباب والرياضة في مصر.

وكما يتضح،  بكل تأكيد بفضل التغيرات التكنولوجية، يمكننا الآن الوصول إلى عدد أكبر بكثير من الناس من أي وقت مضى. حيث نحرص على دمج صفحة إلكترونية في العديد من مشاريعنا ولدينا صفحة على الفيسبوك وصل عدد متابعيها إلى حوالي 1.7 مليون شخص - مما يتيح لنا، بالتعاون مع العديد من المنظمات الأخرى بالطبع، القدرة على الوصول إلى الناس على نحو كان لا يمكن تصوره على الإطلاق قبل 80 عامًا ولا حتى قبل 10 أعوام،. وبطبيعة الحال، نما تعداد السكان أيضًا - في عام 1937، كان عدد سكان مصر 15.9 مليون نسمة (المصدر: https://en.wikipedia.org/wiki/Demographics_of_Egypt) في حين يبلغ حاليًا 94 مليون نسمة (بالإضافة إلى 10 ملايين مصريًا يعيشون خارج مصر).

وثمة اختلاف آخر في الوقت الحالي عما مضى، هو أننا نركز الآن أكثر على خلق فرص للفنانين المصريين للسفر إلى المملكة المتحدة، وبناء روابط مع الفنانين في المملكة المتحدة، وخلق جمهور لعملهم. في عام 2017، على سبيل المثال، دعمنا الفنانين المصريين من أعضاء ملتقى الفنون العربية للمشاركة في مهرجان ادنبره، ومهرجان "شباك"، ومهرجان ليفربول للفنون العربية.

بناء الشراكات من أجل المستقبل

 

نحن نتطلع إلى توسيع نطاق شراكتنا في مصر، ونسعى إلى تطوير مشروعنا القومي الحالي لتدريب المعلمين مع وزارة التربية والتعليم وإيجاد سبل لدعم تطوير مهارات المزيد من المعلمين. كما سنقوم بتطوير شراكتنا مع بنك المعرفة المصري لتقديم مواد تعليمية باللغة الإنجليزية عالية الجودة (وكذلك مواد دعم المعلمين) لجميع المصريين. كما سندعم نمو التعاون بين بلدينا في مجال التعليم العالي – بما يحقق التغيير الإيجابي في حياة الآلاف من الطلاب المصريين والبريطانيين.

العام الجديد

 

وأخيرا وليس آخرًا، نود أن نحتفل معكم، بصفتكم شركائنا وأصدقائنا الذين رافقونا في رحلتنا على مدى الـ80 عامًا الرائعة الماضية، من أجل تأمل ما حققناه معًا وما يعنيه ذلك لنا جميعًا. لذا يرجى أن ترسل لنا أفكارك، أو تعليقاتك، أو ذكرياتك، أو صور لذكرياتك معنا  من خلال أحد الروابط التالية:

 

#80yearsBritishCouncil #BritishCouncilMoments

 

ننتظر تلقي رسائلكم وتعليقاتكم!

مع أطيب تمنياتي،

جيف ستريتر

مدير المجلس الثقافي البريطاني، مصر